الارشيف

السفارة الأمريكية في تل أبيب
العنوان: أولويات إسرائيلية
سري

الموضوع: معاينة وزيرة الخارجية، يناير 13-15، زيارة إسرائيل
صنفه: السفير ريتشار هـ. جونز
السيدة وزيرة الخارجية، ازدادت حدة التوتر الداخلي بين القادة الإسرائيليين منذ زيارتك الأخيرة وقد وصلت إلى نقطة يبدو أنها ستؤدي إلى انخفاض مستوى التعاون أو حتى الحوار بين صناع القرار الرئيسيين، ومن ثم، سنحتاج أن نتعامل بحساسية حتى لا نتهم بأننا نفضل فصيلا على الآخر. الانقسام في المستويات العليا تسبب جزئيا في تزايد الكآبة بين العامة، وادعاءات بالفساد تتصدر الصحف يوميا، وإحساس متزايد بالفشل السياسي بالرغم من قوة الاقتصاد الإسرائيلي ونجاح كبير في إجهاض الهجمات الانتحارية.
مستوى الرضا الشعبى عن سياسات أولمرت قد انخفض حتى وصل إلى 23 بالمائة في الاستفتاء الأخير، والمحاورون الإسرائيليون من كل الأطياف السياسية يتحدثون بوضوح عن أزمة في ثقة الرأي العام في قيادات البلاد بينما الإسرائيليون يشعرون بحاجة ماسة لقيادة قوية لمواجهة التهديدات القادمة من إيران وسوريا وحماس وحزب الله.

التفاؤل يتآكل:
بدأ العام 2007 بشكل سيء بالنسبة للإسرائيليين. فالإحساس الجيد الذي بعثه رئيس الوزراء أولمرت من خلال قمة التي كان تم تأجيلها كثيرا حتى انقعدت في 23 ديسمبر مع أبو مازن، سرعان ما تبدد تحت عبء التقارير عن المستطونات في وادي الأردن (والتي جمدها بيريز)، حيث استمرت صواريخ القسام تهاجم سديروت وكيبوتزم في الجوار، وفشل الجانبين في تطبيق تحويل عائدات الضرائب، وعدم التقدم لتحرير الأسير جيلعاد شاليط، والجو السيء الذي أحاط قمة 4 يناير المنعقدة بين أولمرت ومبارك، والتي طغى عليها القصف الإسرائيلي على وسط رام الله حيث قتل أربعة فلسطينيون.
عملية رام الله، والتي صدق عليها قائد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية بدون إعلام وزير الدفاع، كانت تذكيرا قاسيا بانعدام التعاون بين العسكرية الإسرائيلية والقيادة المدنية. حين يتعلق الأمر باستراتيجية إسرائيل في التعامل مع الفلسطينيين، يبدو بوضوع أن العسكري هو عسكري والمدني هو مدني ولن يتقابل الضدين!

بالرغم من الأحضان التي كانت بين أولمرت وأبو مازن مؤخرا باعتبار أبو مازن شريك في السلام، إلا أن هناك قلق متنام بين المعتدلين العرب، وبدأ استعداهم لفرض حصار على حماس يتآكل وربما تفشل فتح في حشد التأييد العام لعزل حماس، سواء في صناديق الاقتراع أو في الشارع. في نفس الوقت، فإن نشر نتائج تحقيق لجنة وينوجراد عن حرب لبنان يعد سيف مسلط على رقبة كل من أولمرت ووزير الدفاع بيريتز ورئيس الأركان حالوتز.
أعلن كل من بيريتز وحالوتز أنهما سيقدمان استقالتيهما إذا ما أدانتهما اللجنة بارتكاب أخطاء جسيمة في أثناء الحرب، لكن أولمرت امتنع عن التصريحات العلنية. أولمرت أيضا ينتظر النتائج لتحقيقات مختلفة أخرى متعلقة بادعاءات فساد، وأي نتيجة سلبية في أي من التحقيقات هذه سيضر به ضررا بالغا وقد يجبره على الاستقالة.

بينما هناك قلق إسرائيلي من تغير أساسي في السياسات الأمريكية كنتيجة لتقرير مجموعة أبحاث العراق، ورغم أن هذا القلق قد تم تخفيفه بتصريحاتك وتصريحات الرئيس، إلا أن هناك عدم ارتياح هنا تخوفا من أن تعكس توصيات بيكر - هاميلتون شكل السياسات الأمريكية المستقبلية.
يلحظ الإسرائيليون أن الدعم الشعبي لحرب العراق بدأ ينحسر، ويتابعون بشغف خطب الرئيس التي تتحدث عن سياسات مجددة، لكنهم قلقون جدا من أن القضية الإسرائيلية الفلسطينية لا تشغل البال الأمريكي وربما لا يسعى الأمريكيون لخلق بيئة ملائمة في المنطقة لانشغال الأمريكيين بالخطوات التي يجب اتخاذها للتعامل مع الوضع المتردي في العراق.

برنامج إيران النووي مازال يسبب قلقا كبيرا في إسرائيل، بناء على تاريخهم، فإن الإسرائيليين على اختلاف أطيافهم السياسية يأخذون بجدية تهديدات أحمدي نجاد لمحو إسرائيل من الخريطة. وقد أوضح أولمرت في تصريحاته المعلنة أن إسرائيل لا يمكنها التسامح مع وجود إيران مسلحة نوويا، وهو موقف تم التأكيد عليه من قبل زعيم المعارضة نتنياهو، الذي يقارن بين إيران اليوم وألمانيا النازية سنة 1938. بالرغم من أن المخابرات الإسرائيلية عادة ما تتعامل مع أسوأ الفروض، فإن هناك اختلاف في الآراء حول التحرك الذي يجب أن تتخذه إسرائيل.
وزارة الخارجية وبعض من المقييمين للوضع الإيراني من الخبراء يميلون بشكل متزايد للقول بأن الحل العسكري يجب أن يكون هو الملاذ الأخير وبدأوا يولون اهتماما أكبر لأشكال أخرى من الضغط، بما في ذلك العقوبات غير المحدودة، والتي يمكن أن تجبر إيران على التخلي عن برنامجها النووي العسكري. الجيش الإسرائيلي يفاجئنا بميله للحل العسكري، سواء نفذته إسرائيل أو نفذناه نحن، كطريق وحيد لتحطيم أو تأجيل خطط إيران.

بعض المحللين الإسرائيليين النبهاء يشيرون إلى أنه حتى لو لم تشن إيران النووية حربا على قلب إسرائيل في الوقت الحالي، فإن مجرد حقيقة امتلاك إيران لسلاح نووي قد يغير الشرق الأوسط تماما تغييرا استراتيجيا بطريقة تجعل من استمرار إسرائيل على المدى البعيد كدولة ديمقراطية يهودية أمر غاية في الصعوبة. هذا القلق ينعكس بشدة في حديث مفتوح لأولئك الذين يقولون بأنهم لا يريدون لأبنائهم ولا لأحفادهم أن يكبروا في إسرائيل مهددة بإيران نووية.

بزوغ في الحياة:
وزيرة الخارجية تسيبي ليفني محبطة من رفض أولمرت الدائم للتنسيق بشكل متقارب، و - ربما بسبب شعبيتها التي تبدو في الاستطلاعات والتي تضاعف شعبية رئيس الوزراء - قالت في إحدى حواراتها مع هاآرتس في آخر ديسمبر أنها ستتنافس مع أولمرت على مقعد رئاسة الوزراء إذا ما استمر في عدم دعمه لها.
في نفس الحوار، أعطت ليفني خطوطا عريضا عن أفكارها، إلا أنها لم تفصل، فيما يخص العرب، بيا في ذلك المفاوضات، وتقترح توقيع اتفاقية مؤقتة حيث يقوم الجدار العازل بدور الحدود، ورفضت الانخراط مع سوريا إلا إذا أخذ الأسد خطوات لإنهاء دعمه للإرهاب والابتعاد عن إيران. أكد مستشار ليفني السياسي لنا أنها قد انخرطت بالفعل في مناقشات سرية مع الفلسطينيين، لكنها تعتبر محادثات استكشافية. قالت ليفني للسيناتور كيري ودود أنها تشك في إمكانية الوصول لاتفاق نهائي مع أبو مازن، ومن ثم فإن التركيز يجب أن يكون على إصلاح فتح حتى تستطيع الفوز عليها في الانتخابات.

قال مسئولو وزارة الخارجية لنا أن ليفني تركز أيضا على عزل حماس. وعبرت هي وكبار الموظفين في الوزارة عن القلق لأن بعض من أعضاء الاتحاد الأوروبي مهادنون في هذه النقطة. في ذات الوقت تعي ليفني تماما - على عكس أولمرت - أنها ليس لديها الكثير الذي يمكن أن تخافه من تقرير لجنة وينوجراد (ولم تلوث سمعتها بادعات الفساد التي تطارد أولمرت). محاولاتها الأولية لحل محل أولمرت قد تأخذ شكلا أكثر جدية إذا ما تم نشر النتائج الأولية للتقرير في الشهر المقبل.

أراء مختلفة حول سوريا:
اتفق كل من أولمرت وليفني على أن التفاوض مع سوريا سيكون فخا، حيث أن دمشق ستستخدمه لإنهاء الضغط العالمي عليها وليكون لها حرية أكثر في لبنان. بينما يرى كل منهما أن العلاقات العامة تميل إلى رفض المبادرات السورية للسلام من ناحية، يواصلان إلحاحهما على أن المفاوضات لن تكون ممكنة مع سوريا حتى تقلل سوريا من دعمها للإرهاب وتأخذ خطوات مباشرة لتأمين إطلاق سراح المسجونين الإسرائيليين الذين اعتقلتهم حماس وحزب الله. يدعم رئيس الموساد داجان كل من أولمرت وليفني في هذا المجال، ولديه رؤية قاتمة لنوايا سوريا.

إلا أن هناك جزء كبير من القطاع الأمني لديهم رؤيا أنه من مصلحة إسرائيل اختبار نوايا الأسد ربما من خلال الاتصال به عبر قنوات سرية، والسعي لإبعاده عن طهران. ويتفق معهم في هذا الرأي وزير الدفاع بيريتز، والذي ينتمي لحزب العمل من اليسار الإسرائيلي، حيث يؤكد أن إسرائيل لا تستطيع رفض، على الأقل، استكشاف عرض الأسد للتفاوض، ويقارن موقف أولمرت وليفني بموقف جولدا مائير المنتقد حيث رفضت عرض السادات للتفاوض، مما أدى إلى حرب يوم كيبور سنة 1973.
تقول التقارير الصحفية في 5 يناير أن قطاع الدفاع اقترح على أولمرت أن يفتح قناة استكشافية مع دمشق في خلال شهرين، مع وضع جدول زمني متصل باكتمال مراجعة الولايات المتحدة لسياساتها تجاه العراق والشرق الأوسط، والوصول لرؤية واضحة لنوايا أبو مازن وقدراته في مواجهة حماس.

التوتر بين بيريتز وأولمرت
وفقا لبعض التسريبات عن اجتماع لقادة حزب العمل، قال عامير بيريتز أنه يشعر بأنه غير متواصل مع أولمرت، وذلك منذ أن تحدث بيريتز مع أبو مازن هاتفيا، الأمر الذي أغضب أولمرت، ومن يومها لا يتحدث الاثنان إلا بالكاد. قال التلفزيون في نشرة أخباره يوم 4 يناير أن هناك شائعات انطلقت تؤكد أن أولمرت قرر عزل بيريتز من منصبه كوزير دفاع وتعيين رئيس الوزراء السابق إيهود باراك في منصبه، وقد أعلن الأخير أنه سينافس بيريتز على رئاسة حزب العمل في الانتخابات الأولية نهاية مايو.

وبالرغم من تكذيب مكتب رئيس الوزراء لهذا الخبر إلا أن هناك شك ضئيل هنا بأن شخصا من مكتب رئاسة الوزراء هو الذي سرب الخبر. بينما يشعر الكثير من أعضاء حزب العمل بأن بيريتز فاشل، سواء كوزير دفاع أو كأمين عام للحزب، وأن شعبية بيريتز وصلت للقاع، إلا أن أعضاء حزب العمل قد أدانوا محاولات الإعلام لإطلاق بالون اختبار، واعتبروا ذلك محاولة غير مقبولة من مستشاري أولمرت للتدخل في انتخاباتهم الحزبية. على أي حال، فإن الحدث مؤشر لتوضيح درجة التوتر الناتج عن الضغائن الشخصية والاختلال الوظيفي في رئاسة الحكومة الإسرائيلية.

بيريتز وسنيح، شركاؤنا في اتفاقية التنقل والعبور
على الرغم من القطيعة الداخلية في الحكومة الإسرائيلية، فإن هناك خبر طيب بشأن جهودنا لدفع الحكومة الإسرائيلية لتحسين أوضاع الفلسطينيين المعيشية. بالرغم من محن بيريتز السياسية، إلا أنه أثبت جديته كشيرك في جهودنا لتطبيق اتفاقية التنقل والعبور وبشكل عام يتحرك ببطئ لكن بثقة في حث وزارة الدفاع كي تدفع الجيش الإسرائيلي المتردد للقبول بالتقليل من نقاط التفتيش في طريق الفلسطينيين وإحياء الاقتصاد الفلسطيني.

وقد ظهر نائب وزير الدفاع إيفرايم سنيح، والذي سيرافق بيريتز في اللقاء معك، كلاعب رئيسي في هذه الجهود. يتفق سنيح مع بيريتز في الاعتقاد بأن تحقيق الأمن الإسرائيلي عبر خنق الفلسطينيين هو "مكسب للمعركة لكنه خسران للحرب"، لكن سنيح الذي عمل منذ فترة طويلة جدا كحاكم عسكري للضفة الغربية، وقاد وحدة عسكرية خاصة وكان له دور في عملية إنتيبي الشهيرة، لديه معرفة قريبة بالفلسطينيين وله مصداقية كقائد عسكري في الجيش الإسرائيلي، وهي ميزات يفتقدها بيريتز بشكل مرير.

لقاؤك مع بيريتز سيمنحك الفرصة للتعبير عن تقديرك لجهوده وجهود سنيح ولتشجيعهما في صراعهما لعلاج التمرد في الجيش الإسرائيلي. كلما استطعنا تحقيق تقدم في اتفاقية التنقل والعبور وفي تطبيقها الأن، كلما سهل ذلك علينا لتحقيق نتائج مرضية مع الحزبين في السنة القادمة.



اذا اعجبتك هذه التدوينة فلا تنسى ان تشاركها وتساعدنا على نشر المدونة ، كما يسعدنا ان تنضم الى قائمة المشاركين (نشرات rss)

0 comments:

Post a Comment


Search


الاكثر قراءة